تحتفل دول العالم باليوم الدولي للغابات المصادف لـ 21 مارس من كل سنة، بهدف إذكاء الوعي بأهمية الغابات ومواجهة ارتفاع معدلات فقد الغابات خلال العقود الاخيرة، وقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012، اختيار يوم 21 مارس يوما دوليا للغابات، تشجع فيه الدول على بذل المزيد من الجهود المحلية والوطنية والدولية لتنظيم أنشطة ذات علاقة بالغابات والأشجار.
واختير موضوع "الغابات والصحة" موضوعا لعام 2023، كما اختير شعار " غابات سليمة لأناس أصحاء " شعارا لمناسبة هذا العام، ليكون بمثابة دعوة إلى العطاء، وألا نقتصر في تعاملنا مع الغابات على الأخذ فحسب، ذلك أن صحة الإنسان من صحة الغابات.
أهمية الغابات
الغابات مصدر حيوي للأغذية:
عالمياً يعتمد النظام الغذائي لقرابة مليار شخص في شتى بقاع الأرض على حصاد
أغذية برية كالأعشاب والفاكهة والمكسرات واللحوم والحشرات، وفي بعض المناطق
المدارية، يغطي استهلاك اللحوم البرية وفق التقديرات ما بين 60-80 % من الاحتياجات
اليومية من البروتين.
الغابات صيدليات طبيعية:
هنالك قيمة طبية لقرابة 50000 نوع نباتي، كثير منها ينمو في الغابات، كما
تستخدم المجتمعات المحلية الأدوية المستخلصة من الغابات لعلاج طيف واسع من
الأمراض، فكثير من الأدوية الصيدلانية الشائعة هي أدوية مستخلصة من نباتات حرجية،
بما فيها العقاقير المستخدمة في علاج السرطان التي تستخلص من البنفسج الوردي،
وعلاج الملاريا باستخدام الكينين المستخلص من أشجار الكينا.
الأشجار السليمة تقينا من الأمراض:
الأشجار السليمة تقينا من الأمراض، إلا أن خطر انتقال الأمراض من الحيوانات
إلى الإنسان أخذ منحى تصاعدي آخذ في الارتفاع بفعل استمرار إزالة الغابات، وتنسب
أكثر من 30 % من الأمراض الجديدة التي وردت في التقارير منذ 1960 إلى التغيرات
التي أصابت في استخدامات الأراضي، بما في ذلك إزالة الغابات.
الغابات تعزز من صحتنا
العقلية والبدنية:
إن قضاء وقت في الغابات يزيد من المشاعر الإيجابية ويخفف مستوى التوتر، كما
يخفض ضغط الدم والإصابة بالاكتئاب والإرهاق والقلق، كما تمتص الأشجار في المدن
الغازات الملوثة التي تنبعث من المركبات في الطرقات والمنشآت الصناعية وتصفي
الجسيمات الصغيرة كالغبار والتراب والدخان، وبالتالي فإنها تعمل كدرع يقي السكان
من الأمراض التنفسية.
الغابات تلعب دورا محوريا في مكافحة تغير المناخ:
تساعد الغابات السليمة على ضبط احترار الأرض، فالغابات تحتوي على 662 مليار طن
من الكربون، أي أكثر من نصف المخزون العالمي من الكربون في التربة والنباتات، كما
تساعد الغابات على الوقاية من التعرض لفعاليات الطقس القصوى وارتفاع درجة الحرارة
الناجمة عن تغير المناخ الذي يشكل تحديا كبيرا للصحة على المستوى العالمي.
تهديدات مختلفة
وتغطي الغابات أكثر من 30% من أراضي العالم وتحتوي على أكثر من 60,000 نوع من
الأشجار، والكثير منها لم تُحدد هويته بعد، وتوفر الغابات الغذاء والألياف والمياه
والأدوية لنحو 1.6 مليار من أفقر سكان العالم، بما في ذلك الشعوب الأصلية ذات
الثقافات الفريدة.
وتتعرض الغابات لتهديدات مختلفة خلال السنوات الاخيرة، فقد خسر كوكبنا من
الغابات ما مساحته عشرة ملايين هكتار، أي ما يعادل نحو ستة ملايين ملعب كرة قدم
بسبب إزالة الغابات ما بين 2015 و2020.
أما حشرات الغابات فتسبب بأضرار تصيب قرابة 35 مليون هكتار من الغابات سنويا،
في حين أثرت الحرائق بحوالي 98 مليون هكتار من الغابات على المستوى العالمي عام
2015، لكن تبقى السياسات المراعية للغابات وزيادة الاستثمارات في الغابات والأشجار
سبيلًا إلى حماية كوكبنا من التهديدات والتنعم بوافر الصحة.
وتلعب الغابات دورا حاسما في تغير المناخ بما في ذلك الاحتباس الحراري، حيث
ينتج عن إزالة الغابات ما بين 12 و18% من الانبعاثات الكربونية في العالم، أي ما
يعادل تقريبًا كل ثاني أكسيد الكربون من قطاع النقل العالمي، كما تعد الغابات
الصحية واحدة من "أحواض الكربون" الرئيسية في العالم.
استنزاف الغابات
خلال العقود الأخيرة ارتفع معدل فقد الغابات بشكل ملحوظ لعدة عوامل منها:
- تحويل الغابات لاستخدامات
أخرى: بما في ذلك المزارع، والمراعي، والمستوطنات، والطرق، والبنية التحتية، مما
أدى إلى تقليص مساحة الغابات.
- حرائق الغابات: إذ تتعرض
الغابات في كل عام لحرائق تدمر ملايين الهكتارات من الغابات في جميع أنحاء العالم،
وتسبب الخسارة الناتجة عنها عواقب واسعة النطاق على التنوع البيولوجي، والمناخ،
والاقتصاد.
- قطع الأشجار: وذلك من خلال
قطعها بطريقة غير قانونية وغير مستدامة، مما يؤدي إلى تدمير الطبيعة والحياة
البرية.
- حصاد الغابات لاستخدام
الحطب كوقود: إذ يسبب الإفراط في الاستخدام المنزلي أو التجاري للحطب إلى الإضرار
بالغابات بشكل كبير.
- التعدين: إذ غالباً ما تتطلب مشاريع التعدين إنشاء طرق رئيسية، و بنى تحتية،
وخطوط السكك الحديدية، ومحطات الطاقة، مما يزيد من الضغط على الغابات والنظم
البيئية للمياه العذبة، وخاصة الغابات الاستوائية.
- تغير المناخ: يعد المناخ سبب
رئيسيا في إتلاف الغابات، إذ تساهم الحرارة في تجفيف الغابات الاستوائية، وزيادة
أضرار الحرائق في الغابات، مما يضر بالتنوع البيولوجي داخل الغابة.
غابات العالم تحترق
تشهد مناطق عدة حول العالم حرائق غابات مدمرة لا سابق لها بعد موجات الحر
والجفاف الواسعة خلال السنوات الاخيرة، إذ لا يكاد مكان توجد فيه غابات على وجه
الأرض إلا وطالته، من شرق البحر المتوسط إلى غربه مرورا بسوريا، ولبنان، وفلسطين،
وتركيا، وإيران، واليونان، وسلوفينيا، وفرنسا، والبرتغال، وإسبانيا والمغرب، ومن
أستراليا إلى قلب القارة الإفريقية وشمالاً باتجاه ألاسكا وسيبيريا، ومن الغابات
الاستوائية في إندونيسيا إلى الغابات المطيرة في الأمازون والحدائق الوطنية في غرب
الولايات المتحدة.
وخلال السنوات بين 2002 و2016، طالت الحرائق ما يقارب 423 مليون هكتار من سطح
الأرض سنويا، وثلثا هذه الحرائق كانت في القارة الإفريقية.
وخلال الفترة ذاتها حدث أكثر من 13 مليون حريق فردي على مستوى العالم، استمر
كل منها ما بين 4 و5 أيام، وكان كل حريق يدمر 440 هكتاراً كمعدل عالمي، في حين يصل
المعدل في أستراليا إلى 1790 هكتاراً لكل حريق.
وتنبعث من حرائق الغابات الكبيرة كميات هائلة من الملوثات الجوية، كما تؤدي
التعرية بعد حرائق الغابات إلى جلب مجموعة من العناصر الغذائية والملوثات إلى
المسطحات المائية، فتؤثر على جودة المياه وسلامة الأنواع الحية.
كما تؤدي التعرية الناتجة من حرائق الغابات في بعض الحالات إلى انهيار
المنحدرات وحصول انزلاقات أرضية، كما يمكن أن تؤدي حرائق الغابات الأكثر تواتراً
وشدة إلى تغيير طويل الأجل في تركيبة أنواع النباتات وفي بنية النظم البيئية
للغابات.
أهداف تخصيص يوما دوليا
للغابات
وللدور الهام الذي تلعبه الغابات في مكافحة تغير المناخ والمساهمة في ازدهار
ورفاه الأجيال الحالية والسابقة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حددت الأمم المتحدة
عدد من الأهداف تسعى لتحقيقها من خلال تخصيص يوما دوليا للغابات تتمثل في:
- التوعية بالدور المهم
الذي تقوم به الغابات في تحقيق التوازن البيئي، وما تمثله من غنى بيولوجي.
- التعريف بالإدارة
المستدامة للغابات وأهمية استخدامها بما يساهم في حفظها للجيل الحالي وللأجيال
القادمة.
- التوعية والتعريف بأهمية
الشجرة وكل النبات على الأرض، وبضرورة الحفاظ عليها، والاهتمام بزيادة الغطاء
النباتي لتنعم به الأجيال القادمة إضافة للجيل الحالي.
- التوعية بما تتعرض له
الغابات سنوياً من خطر الإزالة، بالحرق والاستثمار الجائر والاحتطاب والرعي
والتلوث، هذا ما يهدد التوازن البيئي والحيوي ويهدد بالتالي الحياة بأكملها.
- توجيه المؤسسات والمنظمات
الحكومية وغير الحكومية لإطلاق المبادرات والمشاريع التي تهدف لحماية الغابات
والأشجار وحفظها، وغرس المزيد من الأشجار وزيادة المساحات الخضراء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
بيئتي BEAATY