المجلس الشعبي الوطني ينظم يوما برلمانيا حول "دور بنك البذور الوطني في تحقيق الاكتفاء الذاتي وضمان الأمن الغذائي المستدام"

نظم اليوم المجلس الشعبي الوطني  يوما برلمانيا حول "دور بنك البذور الوطني في تحقيق الاكتفاء الذاتي وضمان الأمن الغذائي المستدام"، و الذي يعكس اهتمام مختلف هيئات الدولة بأهمية البيئة في شتى الميادين وضمان استدامة الموارد، على غرار مورد الغذاء الذي يشكل ضمان أمنه تحدي يواجه الأمم.

وقد أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، "إبراهيم بوغالي"،أن فكرة إنشاء بنك للبذور تدخل في صميم استراتيجية أمنية متكاملة تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي والحفاظ على مقدرات الجزائر في المجال الفلاحي وضمان حق الأجيال القادمة في نفس الوقت.  واعتبر السيد بوغالي في تدخله عند افتتاح أشغال اليوم البرلماني أن الحديث عن بنك البذور يعني جانبا مهما من السيادة الوطنية، ولفت إلى الأهمية التي يكتسيها ضمن مخططات التنمية المستدامة وكذا ضمن المسعى الشامل لتعزيز الأمن بتكريس اللحمة الوطنية وانسجام مؤسسات الدولة وتلاحم الشعب والجيش ومواجهة مختلف التحديات والرهانات.

وأوضح رئيس المجلس في هذا السياق، بأن بنك البذور من شأنه التقليل من فاتورة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي، الذي يشكل هدفا حيويا يجب تحقيقه بالاعتماد على الكفاءات الوطنية وحذر من التفريط فيه لاسيما بالنظر إلى الأوضاع الدولية وتأثير الصراعات والكوارث الطبيعية على الإمداد بالمحاصيل الضرورية والأساسية.

واستطرد السيد بوغالي موضحا أن بنك البذور سيناط به أيضا الحفاظ على " التراث الجيني" للمحاصيل الفلاحية التي تنتج محليا وتطويرها ولفت بالمناسبة إلى خطورة ما تعرضت له الجزائر بسبب الاستيراد عندما فقدت العديد من أصناف الغلال، ودعا إلى إنشاء عدة فروع وملحقات للبنك حتى تغطي كل التراب الوطني.

واختتم رئيس المجلس كلمته، مذكرا بأن الحفاظ على البذور للأجيال القادمة ضروري من جهة أهميتها كمورد حيوي، ولانعكاسها الكبير على التنمية المستدامة في مجال الفلاحة، وحث على توظيف نتائج البحوث العلمية في الميدان لتطوير خصائص النباتات حتى تكون قادرة على الصمود في وجه التغيرات المناخية وزيادة الإنتاج وتوفير مداخيل إضافية للجزائر بعد بلوغ مرحلة التصدير.

من جهته رئيس لجنة الفلاحة والصيد البحري وحماية البيئة "علي بن سبقاق"  أوضح أن تنظيم هذا النشاط يندرج ضمن مسعى إرساء فضاء تشاوري بين الأطراف المعنية بموضوع هذا اليوم، ومنه العمل على تسهيل قنوات الاتصال وتقريب وجهات النظر بينها والبحث عن السبل الكفيلة بتبادل المعلومات، وكذا الآليات التي من شأنها توجيه بنك البذور نحو خدمة المؤسسة الاقتصادية وذلك تحقيقا للأمن الغذائي بعيدا عن الاستيراد. 

كما أوضح وزير الفلاحة و التنمية الريفية "عبد الحفيظ هني"، أن دور بنك البذور يتمثل في الحفاظ عليها من التغيرات، سواء كانت بفعل الإنسان أو بفعل المناخ أو التآكل الوراثي، وأوضح أن هذه البذور تلعب دورًا أساسيًا في التنمية المستدامة للفلاحة وفي تنميّة الأقاليم، وهي تشكل أيضًا "إرثا" للسلالات والأصناف المحلية، يجب نقله إلى الأجيال القادمة لمواجهة التحديات الرئيسية المتعلقة بتغيرات المناخ والعوامل الحيوية الضارة.

وأردف يقول بأن دور هذا البنك يتمثل أيضا في الحفاظ في المديين القصير والمتوسط على البذور الحيوانية، وبذور الأصناف النادرة والمهددة بالانقراض التي سيتم تجديدها للحصول على كميات كافية منها لإعادة إدخالها إلى بيئتها الأصلية، إضافة إلى الحفاظ على "الصلاحية الحيوية" والسلامة الوراثية" للحصص من البذور أثناء التخزين.

كما أوضحت الباحثة "زين فتيحة" خلال مداخلة لها أن الجزائر تتميز بإمكانيات عالية للتنوع الجيني، و تعتبر مستودعا وراثيا عالميا، مؤكدة أن الضغوط البيئية والبشرية أدت الى تقليل الأنواع والأصناف وعرضتها للانقراض، مضيفة بأن وضع بنك وطني للبذور من أجل حماية محاصيل القمح والشعير و البقوليات و المحاصيل الصناعية والغابية والنباتات الطبية والعطرية كان ضرورة استراتيجية .

كما قدمت السيدة "زين" عرضا حول الأنواع النباتية وأماكن وجودها في الجزائر، و أوضحت أن التنوع الجيني لوحظ عليه التآكل لعدة عوامل طبيعية وبشرية، مما استوجب اتخاذ تدابير من أجل الحفاظ عليها ولو خارج موقعها الطبيعي، وذلك باتباع استراتيجية وطنية مدروسة تسمح بضمان التنوع البيولوجي وزيادة معدلات الإنتاج في نفس الوقت. حيث بنيت هذه الاستراتيجية على عدة مراحل تتمثل أساسا في جمع عينات البذور ووضع الملفات الخاصة بها، ثم تنظيم عمليات التنقيب وتطوير المهارات والاستثمار في التدريب الجيد وكذا ضرورة تسيير البنوك وفق المعايير الدولية، إلى جانب وضع آلية فعالة لتبادل المعلومات وطنيا إقليميا ودوليا.

و في مداخلة أخرى، فقد أوضح الأستاذ "إدريس عطية"، أن أطروحة الأمن الغذائي قد تغيرت بعدما انتقلت من مفهوم "الاكتفاء الذاتي" إلى مفهوم "السيادة الغذائية" وتابع بالقول أن بنك البذور سيعزز هذه السيادة وبالتالي سيمكن الجزائر من تجنب إكراهات الخارج ويسمح لها بوضع سياسة محلية تلائم توجهاتها الخاصة، أين لفت إلى انعكاسات "كوفيد" والأزمة في " أوكرانيا "على سلاسل الإمداد بالغذاء، ليوضح مدى أهمية عاملي الوفرة والامداد في ضمان الأمن الغذائي اليوم، وأردف بأن التفكير في حق الأجيال المقبلة أمر حتمي، مقترحا في هذا الخصوص، إنشاء مركز وطني للذكاء الاقتصادي توكل إليه مهمة استشراف السياسيات الواجب تسطيرها لمواجهة كل الاحتمالات المستقبلية. و أضاف أن الاستراتيجية الفلاحية الوطنية انتقلت من الإدارة الاجتماعية للفلاحة إلى المقاربة الشاملة ودعا إلى عمل جماعي لإنهاء ما أسماه " عولمة الجوع" واختتم مستنتجا بأن الجزائر بحاجة لمجتمع مدني متخصص في الفلاحة لمرافقة وإنجاح الجهود الوطنية في هذا المجال.

من جهة أخرى، أوضحت الأستاذة "بن الشيخ الحسين ميسون" أن النظم البيئية في الجزائر تتراوح بين المناطق الرطبة والغابية والجبلية و السهبية و كذا الصحراوية، وأن ظاهرة التآكل الجيني له أسباب إنسانيه ووراثية وأخرى بيئية، حيث ورد في العرض أن الجزائر تجاوزت الهدف المحدد باتفاقية التنوع البيولوجي، حيث أين اتبعت استراتيجية تقوم على حفظ البذور من خلال تقييم امكانيات التخزين لمعرفة مدى تأقلمها مع ظروف البيئية وقياس مردودها ومعرفة مقاومتها للأمراض وللخصائص التكنولوجية، ثم تقييم مخاطر الانقراض لاسيما بالنسبة لموارد الشعب الاستراتيجية والمهددة والأنواع الأصلية ثم باتباع برامج لتحديد ومراقبه الجودة من ناحية الكمية والنوعية للتحقق من حيويتها وإمكانيه غراستها وأخيرا باتباع برامج الجمع وعمليات المسح للتحكم في عمليات التخزين.

و قد عرفت الأستاذة "مزياني سميرة" الانتاج المستدام بأنه ذو ثلاثة أبعاد، الأول بيئي ويتضمن العوامل الملائمة للإنتاج والثاني اقتصادي ويتعلق بضمان مداخيل للعائلة الريفية واستمرار الاستثمارات المصغرة، والثالث اجتماعي ويتمحور حول تحسين مصادر المعيشة وتوفير الغذاء لكل فئات المجتمع، موضحة أن البنك ركيزة أساسية لتثمين إنتاج البذور محليا، وأبرزت ضرورة تحديد المستلزمات لإدماج البذور غير المنتجة محليا في حلقة الانتاج، وذلك بما يمكن من تأمين المخزون انطلاقا من الفئات القاعدية، وما قبل القاعدية، مضيفة أن هذه الاستراتيجية تعتمد على برامج الانتقاء النباتي للأنواع باستخدام آلية التحسين النباتي للمحاصيل ومن خلال استعمال قوانين الوراثة وادماج التقنيات الجزيئية للتشخيص.

وفي آخر المدخلات تناولت الأستاذة، "بن سليمان حفيظة" موضوع "كيفية الحفاظ على الموارد الوراثية والجينية للنباتات" وشرحت دور بنك البذور وأهميته، مؤكدة أن بنك البذور يضطلع بمهمات الحفاظ على مختلف الأصناف من الانقراض وكذا التغيرات المناخية والقرصنة الفكرية الوراثية.

 

لونيس رضوان