الأراضي الرطبة وسبل العيش: تعزيز جودة الحياة ودعم المجتمعات

تلعب الأراضي الرطبة، التي تُكنَّى غالبًا بكلى الأرض، دورًا حيويا في دعم الحياة وسبل العيش. و تشمل المستنقعات والأهوار وأراضي الخث والبحيرات وغيرها من الموائل الأخرى، و تسهم بشكل كبير في تحسين رفاهية أكثر من مليار شخص حول العالم. دعونا نتعمّق في فهم العلاقة المعقدة بين الأراضي الرطبة الصحية وسبل عيش الإنسان، ونسلط الضوء على الفوائد المتعددة التي توفرها هذه النظم البيئية.

صيد الأسماك وتربية الأحياء المائية:

يعتمد أكثر من 660 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، لكسب لقمة عيشهم على صيد الأسماك وتربية الأحياء المائية. تعمل الأراضي الرطبة الصحية بمثابة حاضنات ومناطق تكاثر لمختلف أنواع الأسماك، مما يسهم، إضافة لدعم سبل عيش الصيادين، في ضمان إمدادات ثابتة من الأسماك للاستهلاك العالمي.

زراعة الأرز

بفضل دورها الحاسم في زراعة الأرز، تُسهم الأراضي الرطبة بشكل كبير في تعزيز سبل عيش ما يقرب من مليار أسرة في جميع أنحاء آسيا وأفريقيا والأمريكتين، ولا سيما أسر صغار المزارعين. باعتبارها أراضي خصبة، تُعَد الأراضي الرطبة محيطًا مثاليا لزراعة الأرز على نطاق صغير، مما يضمن مصدرًا مستدامًا للدخل والغذاء للمجتمعات في جميع أنحاء العالم. وتشير التقديرات إلى أن نحو 80% من إنتاج الأرز في العالم يتأتى من المزارعين ذوي المساحات الصغيرة، ويستهلك معظمه محليا.

توفير الغذاء

بالإضافة إلى زراعة الأرز، تلعب الأراضي الرطبة دورًا حيويا في دعم سبل العيش المرتبطة بالغذاء. فهي توفر أرضًا خصبة للزراعة، وتضمن إمدادات مياه مستقرة للمحاصيل. تعتمد المجتمعات على الأراضي الرطبة لإنتاج غذاء متنوع، وتعزيز الاستهلاك المحلي والتجارة. كما تُسهم الموارد الغنية للنظم الإيكولوجية للأراضي الرطبة في دعم ممارسات الطهي التقليدية، مما يؤكد دورها الأساسي في توفير الغذاء وتحقيق الرفاهية الاقتصادية.

السياحة والترفيه:

تُقدِّم الأراضي الرطبة مناظر طبيعية خلّابة وتحتضن تنوعًا بيولوجيًّا فريدًا، مما يجذب الزوار ويُتيح فُرَصَ عمل للمجتمعات المحلية المعنية بقطاع الضيافة والخدمات ذات الصلة. حيث تشير التقديرات إلى أن نصف السياح الدوليين في العالم يبحثون عن الاسترخاء في الأراضي الرطبة، مما يدعم 266 مليون وظيفة في قطاعي السفر والسياحة.

سبل عيش السكان الأصليين:

تعتمد مجتمعات السكان الأصليين على الأراضي الرطبة كمصدر لرزقهم الاقتصادي من خلال الممارسات المتوارثة مثل جمع النباتات الطبية ومعالجتها، واستخلاص الأصباغ، وجني الفواكه، واستخدام القصب والأعشاب. وإلى جانب أهميتها الاقتصادية، تُعزز هذه الأنشطة الصحة المالية لتلك المجتمعات وتعمل كحام لتراثها الثقافي الغني.

إمدادات المياه للزراعة:

 تلعب الأراضي الرطبة، بوصفها خزانات طبيعية، دورا هاما في تعزيز سُبل عيش المزارعين ومربي الماشية في الأماكن الريفية من خلال مدهم بمياه موثوقة للأنشطة الزراعية ورعاية الدواب. وفي المقابل، تتنامى في بعض المناطق مشكلة الإفراط في سحب المياه من الأراضي الرطبة لغرض الزراعة، مما يستلزم المعالجة الفورية وتنفيذ تدابير فعّالة للسيطرة على هذه العمليات.

النقل:

تُعَدُّ الأراضي الرطبة جزءًا لا يتجزأ من وسائل النقل في العديد من المناطق، حيث تُوفِّر الأنهار والممرات المائية الداخلية طُرقًا حيوية لنقل البضائع والأشخاص. ولا يقتصر هذا الارتباط المباشر بالنقل على دعم الوظائف المتعلقة بالشحن والتجارة فقط، بل يُعزِّز أيضًا الأنشطة الاقتصادية المعتمدة على أنظمة النقل الفعّالة. 

على الرغم من الفوائد العديدة التي توفرها الأراضي الرطبة، إلا أنها تواجه للأسف خطرًا كبيرًا، وتختفي بمعدل ينذر بالخطر. فمنذ عام 1970، فقدت منطقة البحر الأبيض المتوسط 50% من أراضيها الرطبة الطبيعية. وهذا يعرض التنوع البيولوجي للخطر ويؤدي إلى تفاقم الفقر. بالإضافة إلى ذلك، فإن اختفاء هذه النظم البيئية الثمينة ينتج عنه تضاءل الموارد والخدمات التي تقدمها، مما يؤثر سلبا على المجتمعات التي تعتمد عليها.

وقد شددت أهداف التنمية المستدامة على الضرورة الملحة لتنفيذ تدابير فعالة لحماية النظم البيئية الحيوية مثل الأراضي الرطبة واستعادتها، بهدف التخفيف من حدة الفقر وتعزيز التنمية المستدامة. وينبغي أن تشمل هذه التدابير إجراءات وضع سياسات الحفظ وتنفيذها، ودعم ممارسات الاستخدام المستدام للأراضي، وإشراك المجتمعات المحلية في جهود استعادة الأراضي الرطبة.

وإدراكًا للصلة القوية بين الأراضي الرطبة وسبل عيش الإنسان، تصبح حماية هذه النظم البيئية خطوة ملموسة نحو تأمين مستقبل مستدام للمجتمعات ولكوكب الأرض.

 

الوكالات