بيئتي BEAATY

أول موقع اخباري جزائري بيئي " نحو إعلام بيئي هادف "

شريط الأخبار

الخميس، 10 يوليو 2025

مدمّرو الكوكب… الجنوح المفرط نحو الوقود الأحفوري

الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، النرويج وأستراليا، أربع اقتصاديات كبرى ستكون مسؤولة عن نحو 70% من الانبعاثات الناتجة عن التوسع في مشاريع النفط والغاز بين عامي 2025 و2035. وكانت تقديرات سابقة قد أشارت إلى أن أغنى 20 دولة ستكون مسؤولة عن نحو 90% من الانبعاثات بين عامي 2023 و2050.



وتأتي هذه التقديرات بعد مرور 10 سنوات على اتفاقية باريس للمناخ، وسط تضاءل الآمال المعقودة على التزام دول الشمال العالمي في الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض، إذ يشهد العالم جنوحا خطيرا نحو ضخّ استثمارات ضخمة ومتزايدة في استخراج الوقود الأحفوري، والابتعاد أكثر فأكثر عن هدف التحول نحو الطاقة المتجددة، والنكوص بوعود التمويل الكافي والعادل للدول النامية، التي تضعها الدول الغنية أمام مستقبل كارثي.

وفي عام 2023، التزمت معظم الدول خلال مؤتمر المناخ (كوب28) بالانتقال بعيدا من الوقود الأحفوري بشكل منصف وعادل، كما تعهّدت في العام الماضي خلال مؤتمر (كوب29) بتأمين التمويل اللازم لذلك وحشد الدعم لسد الحاجات التمويلية للدول النامية، إلا أن الدول القوية والغنية ما تزال تتجاهل هذه الالتزامات، وتُمعن في التوسع المستمر بإنتاج النفط والغاز على أوسع نطاق.

ويُشير تقرير ”مدمّرو الكوكب“، الصادر عن (Oil Change International)، إلى أن أربع دول من الشمال العالمي، هي الولايات المتحدة الأميركية وكندا والنرويج وأستراليا، ستكون مسؤولة بشكل جماعي عن نحو 70% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، التي ستصدر عن الاستثمارات الجديدة في حقول وآبار النفط والغاز بين الأعوام 2025 و2035، أي نحو 32 مليار طن من الانبعاثات الكربونية الملوّثة.

كما تُشير التقديرات الحالية إلى أن الانبعاثات المتأتية من الحقول والآبار الحالية تتسبّب بثلاثة أضعاف ونصف ضعف كمية الكربون المفترض عدم تجاوزها حتى عام 2100 لإبقاء ارتفاع درجة حرارة الأرض دون 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، حيث تساهم الولايات المتحدة بـ58% وكندا بـ9% مجتمعتين بثلثي الانبعاثات المتوقّعة، في حين تبرز البرازيل، الدولة المستضيفة لمؤتمر المناخ هذا العام، بين الدول العشر الأوائل في مجال توسع النفط والغاز حتى عام 2035.

وتأتي هذه الأرقام بعد سنتين تقريبا من تقرير آخر صدر عن المنظمة نفسها في عام 2023، والذي أشار إلى أن عشرين دولة متطوّرة ستكون مسؤولة عن حوالي 90% من الانبعاثات الصادرة عن استخدام الوقود الأحفوري واستمرار مشاريع النفط والغاز بين أعوام 2023 و2050، بمن فيهم الدول الأربع المذكورة أعلاه بقيادة الولايات المتحدة (تستحوذ على أكثر من ثلث المشاريع حتى 2050). وتُضيف المنظمة أن حجم التوسع هذا من شأنه أن يجعل خطط مكافحة التغير المناخي شبه مستحيلة، ويؤدي إلى فوضى مناخية ومناطق غير صالحة للعيش.

وتدلّ هذه المؤشرات إلى حجم الانفصام الحاصل اليوم، والذي يُتوقع أن يستمر مستقبلا، بين ما تتعهّد به دول الشمال المتطوّرة، وبين ما تقوم به فعليا، فبينما كانت اجتماعات مدينة بون المناخية، وهي الاجتماعات السنوية التي تسبق مؤتمر المناخ من كل عام، تُعقد للتباحث بجدول المؤتمر والبنود المتعلقة بتمويل المناخ وصندوق التكيف المناخي، كانت بعض حكومات هذه الدول تزيد استثماراتها في الوقود الأحفوري للسنوات المقبلة.

وتتربّع الولايات المتحدة كأكبر منتج للنفط حول العالم منذ أكثر من خمس سنوات، وشكّلت مع روسيا والسعودية مجتمعين حوالي 40% من النفط المنتج عالميا. ويأتي ذلك مصحوبا بسياسات مترافقة تهدف إلى تسريع التوسع في مجال النفط والغاز كسلاح أميركي في الحرب التجارية العالمية. وبناء على ذلك، استندت تقديرات المنظمة على المشاريع المنوي تطويرها بين 2025 و2035، وتحديدا الآبار الجديدة لإنتاج الزيت الصخري، التي ارتفعت في السنوات الأخيرة.

في الحقيقة، تسعى إدارة دونالد ترمب في ولايته الثانية إلى تسريع آليات الموافقة على بنى تحتية جديدة للإنتاج والتصدير، أو ما عُرف بشعار ”احفر يا عزيزي احفر“، مع ما يترتب عليه من ضرر بيئي، وقد تجلّى ذلك في الأشهر القليلة الماضية بإلغاء القوانين البيئية التي أقرتها إدارة جو بايدن، والتي ستكون تداعياتها أكثر شدة على المجتمعات.

وكانت آخر هذه القرارات صدور قانون الموازنة وتصديقه في الكونغرس الأميركي في الأسبوع الأول من يوليو الحالي، والذي من شأنه إعادة صياغة قطاع الطاقة الأميركي من خلال خفض الإعفاءات الضريبية المخصّصة لطاقتي الشمس والرياح، وكذلك السيارات الكهربائية، حيث يعزّز التشريع استخدام الوقود الأحفوري ويفكّك العديد من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفيدرالية لمكافحة التغير المناخي في الأعوام الأخيرة، إضافة إلى إلغاء تمويل العديد من مختبرات المناخ، بما في ذلك مختبر ”ماونو لاو“ في هاواي، والذي يقيس نسبة الانبعاثات الكربونية في الغلاف الجوي.

ونتيجة لهذه الاجراءات، يُتوقع أن تُضيف الولايات المتحدة حوالي 7 مليار طن من الانبعاثات من الآن وحتى عام 2030، وأن تستقر نِسَب انبعاثاتها على ما هي عليه اليوم، فيما الحاجة اليوم لإنقاذ البشرية تدعو إلى خفضها بنسبة 40% لتتلاءم مع أهداف المناخ.

 

بقلم: مارك أيوب – موقع صفر

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بيئتي BEAATY

Post Top Ad

Your Ad Spot

الصفحات