بيئتي BEAATY

أول موقع اخباري جزائري بيئي " نحو إعلام بيئي هادف "

شريط الأخبار

الأحد، 12 مارس 2023

أهمية النظم البيئية للبحار و المحيطات

يعيش ثلثا سكان العالم قرب البحار والمحيطات، ومياهها تؤوي 80% من الأنواع الحية، و تعتمد عليها دول كثيرة في الصيد والتجارة والسياحة، اننا نعيش في عالم مائي. فالبحار والمحيطات تغطي أكثر من ثلثي سطح الأرض، وهي دعامة الحياة، اذ تمدنا بالمطر والغذاء. كما تساعد في تجديد هوائنا وفي الحد من أثر الاحتباس الحراري المسبب لتغير المناخ، لأن بلايين النباتات الدقيقة على سطح المحيطات  تمتص ثاني أوكسيد الكربون وتطلق الأوكسيجين. فلا عجب أن يعيش معظم سكان العالم قرب المحيطات. ويقدر أن ستة من كل عشرة أشخاص على الأرض يعيشون قرب الشاطئ.

علينا جميعاً أن نعامل المحيطات بأقصى درجات الاحترام و العناية. وللأسف، ليس هذا ما يحصل. فنحن نلوث، ونصطاد بلا حدود، ونعامل المحيطات كمكبات للنفايات، ونفترض أن بإمكاننا الاستمرار في ذلك بلا خوف من العواقب.

لكن العواقب تتجسد بقسوة، وقد بدأنا ندفع ثمن قرون من الاساءة الى هذا المورد الضخم. نحن بالغنا في صيد الأسماك، حتى أن مناطق كانت تعج بالحياة المائية أصبحت أشبه بصحارى قاحلة. و قصص النفايات التي تحملها التيارات والأمواج الى الشواطئ أصبحت أخباراً شائعة، كذلك التسربات النفطية المدمرة. وبات كثير من شواطئنا ملوثاً وغير صالح للسباحة. والعواقب الخفية أعظم: لقد أخللنا بتوازن النظم البيئية للمحيطات. 

يجب أن نغير نظرتنا الى البحار والمحيطات لكي نحميها، وأن ندرك أنها ليست موارد غير محدودة يمكن إساءة استعمالها الى ما لا نهاية. فهي موارد محدودة تحتاج الى عناية خاصة جداً.

أسرار البحار والمحيطات لم يكتشف منها إلا القليل. فهي تغطي ما يزيد عن 70% من سطح الأرض، وغالبيتها المطلقة يزيد عمقها على 1.5 كيلومتر. وهي تمد الإنسان بالغذاء والطاقة والمعادن، فضلاً عن أنها مسكن لمجموعة واسعة من أنواع النبات والحيوان. و يعيش نحو 60% من سكان العالم في المناطق الساحلية أو قربها، وهي تعتبر مناطق سياحية وصناعية وتجارية، ومن أكثر المناطق البحرية إنتاجية. فمعظم الثروة السمكية في العالم موجودة في المناطق الساحلية، ويستخرج منها معظم النفط والغاز الطبيعي. وفي بعض البلدان، تعد الأنشطة البشرية في المناطق الساحلية مصدر الدخل القومي الرئيسي.

لكن الناس، عموماً، ينظرون إلى المحيطات والبحار على أنها قفار شاسعة قادرة على استيعاب التلوث وتوفير محاصيل لا حدود لها من الأسماك والموارد البحرية الحية. هكذا تم استغلالها بشكل جائر، وكأنها مشاع مفتوح للجميع.

لقد استوعبت البحار على مدى العصور الجيولوجية التصريفات الواردة اليها من القارات المختلفة. فالأنهار تحمل سنوياً الى البحار نحو 35 تريليون طن من الماء المحمل بالمواد الذائبة والعالقة (التريليون ألف بليون)، كما ينقل اليها الغلاف الجوي الغازات والجسيمات  المختلفة. و قد ظل حجم البحار و تكوينها مستقراً طوال فترات جيولوجية طويلة من خلال التوازن الطبيعي بين أنظمة الكرة الأرضية. غير أن أنشطة الانسان المتزايدة في البر والبحر أحدثت اختلالاً وتغيراً في هذا التوازن.

وتعتبر المناطق الساحلية أكثر الأماكن تعرضاً لإساءة الاستعمال. فهي تستقبل التصريفات المباشرة من الأنهار والمجاري المختلفة، كما تستقبل مختلف الملوثات من السفن. وما يزيد من مشاكل تلوث المياه هو العدد الكبير لمحطات تحلية مياه البحر التي تقع على المناطق الساحلية، خصوصاً في بلدان الخليج العربية. وتصرف هذه المحطات محلولها الملحي الحار في البحار، مما يتسبب في ازدياد ملوحة المياه وارتفاع حرارتها، ويؤثر على الحياة البحرية والتنوع البيولوجي في المناطق الساحلية.

تعرضت السواحل والجزر إلى تدهور بيئي ودمار للمَواطن الحية الرئيسية، وذلك نتيجة استصلاح الأراضي وأعمال البناء غير المنظم وأعمال الجَرْف والردم الملازمة لتوسع المدن وتطوير المرافق السياحية. وما زاد تفاقم المشكلة الافتقار إلى التخطيط السليم لاستغلال الأراضي، وسوء تقسيم المناطق، وعدم جدوى التدقيق البيئي في بعض البلدان خصوصاً لجهة تطوير المدن والتوسع الصناعي.

من جهة الصحة، تتسبب الجراثيم والفيروسات وغيرها من الكائنات الممرضة، التي تتسرب مع مياه الصرف الصحي إلى البيئة البحرية الساحلية، في إصابة الإنسان بأمراض مختلفة. فالسباحة في مياه البحر الملوثة بمياه المجاري قد تؤدي إلى الاصابة باضطرابات معوية والتهابات الأذن والجهاز التنفسي و الجلد. وهناك أيضاً علاقة وثيقة بين تناول المأكولات البحرية الملوثة والإصابة بأمراض خطرة، منها الالتهاب الكبدي الوبائي والكوليرا. وتحمل مياه المجاري ومياه الصرف الزراعي كميات كبيرة من النيتروجين والفوسفور (مكونات الأسمدة الكيميائية والمنظفات) تساعد على تغذية الطحالب التي تنتشر بسرعة، مؤدية إلى نفاد الأوكسيجين في بعض المناطق وتحويلها إلى ما يعرف بالمناطق الميتة. وتفرز بعض الطحالب مواد سامة تقضي على أشكال كثيرة من الحياة البحرية أو تتركز في بعض الأسماك والصدفيات، وتسبب تسمماً للإنسان إذا ما تناولها. 

البحار الثلاثة التي تطل عليها معظم الدول العربية، أي البحر الأبيض المتوسط والبحر لأحمر و الخليج، كلها بحار شبه مغلقة. ويستقبل المتوسط والخليج الملوثات منذ عقود طويلة. أما البحر الأحمر فقد كان نقياً حتى عقدين مضيا حين نشطت السياحة واستخراج النفط فتلوث بدرجة واضحة، علماً أنه يضم شعاباً مرجانية نادرة تجعله قبلة للسياح من أنحاء العالم. وثمة اتفاقيات دولية تنظم التعاون بين الدول المشاطئة لكل من البحار الثلاثة، وخطط عملها تشمل المخلّفات الكيميائية وتطوير السواحل والمحافظة على الحيوانات والنباتات والنظم البيئية البحرية، لكن تنفيذها يسير ببطء شديد.

 

منقول – مجلة البيئة و التنمية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بيئتي BEAATY

Post Top Ad

Your Ad Spot

الصفحات